Section

Archive for September 10th, 2009

Article by Zeina Mansour

September 10th, 2009

هل تحقق الفضائيات… «نبوءة» سعيد عقل؟

بعد نجاح المسلسلات التركية المُدبلجة إلى اللهجة السورية، وانتشار الأعمال البدوية، وانحسار الإنتاجات التاريخية لمصلحة الدراما الاجتماعية… ماذا بقي من الفُصحى على الشاشات العربية؟ زينة منصور

في العدد الثالث من المجلة الفصلية الصادرة عن اتحاد إذاعات الدول العربية، توقَّف الاتحاد عند مسألة «الإنتاج الإعلامي العربي بين اللهجة العامية واللغة العربية الفصحى»، في محاولة منه لتسليط الضوء على استبدال اللغة العربية الفصحى باللهجة المحكية، وهي ظاهرةٌ اجتاحت الشاشات والإذاعات العربية في الفترة الأخيرة. هكذا، يبدو أن وسائل الإعلام العربية تأثرت بموجة الإنتاجات الإذاعية والتلفزيونية باللهجة المحكية، على اعتبارها مرآة تعكس الحراك الاجتماعي داخل المجتمعات، ومن ثم تُصدِّره إلى خارج الحدود. غير أنه غاب عن الأذهان حجم التراجع الذي لحق بالثقافة العربية، حالما تقدمت هذه اللهجات على حساب العربية الفصحى التي صدّرت حرفها إلى بلاد الأناضول وفارس وآسيا الوسطى (*). فهل صحّت نبوءة الشاعر سعيد عقل يوم توقع اندثار اللغة العربية لمصلحة اللهجات المحكية، إذ يختفي الحرف العربي ليُستبدل بالحرف اللاتيني كما حدث في تركيا بعد أتاتوررك؟ وهل ما تعيشه الأجيال العربية اليوم من تجربة الكتابة الإلكترونية بالحرف اللاتيني تأكيد لهذه الفكرة؟
لم يشهد الإعلام العربي المرئي والمسموع مجافاةً للغة العربية الفصحى، كما يحدث اليوم. وبات سلطان اللغة الفصحى يتراجع لتحلّ مكانه سلاطين اللهجات المحلية في الإنتاج الإعلامي الإذاعي والتلفزيوني والإعلاني. هذه اللغة التي جرت دسترتها على اعتبارها اللغة الرسمية للدول العربية، تشهد اندثاراً في ظل إهمالها وعدم تطويرها الإعلامي بطريقة تقرّبها من المشاهدين وتمنع انحسارها بالمؤسسات التربوية والأكاديمية وشريحة المثقفين العرب. ويجوز القول إنه لولا التزام الإعلام الإخباري والمكتوب بهذه اللغة، لكانت على وشك الاختفاء في ظل تراجع حركة التأليف والنشر والطباعة وابتعاد الناس عن القراءة.
وفي غمرة النجاحات لكثير من الإنتاجات التي قدّمت باللهجة المحلية، وآخرها هذا العام المسلسلات التركية المدبلجة إلى السورية ـ وقد أعجبت بعضهم على اعتبارها لهجة الساحل السوري القريبة للغة التركية ـ (علماً أن اللغة العربية تحتلُّ أربعين في المئة من مصطلحاتها)… تجدُ أن الحل الأمثل يبقى برسم الإعلام والمؤسسات التربوية لتطوير هذه اللغة «الإرث»، لتصبح لغة وسطية تحافظ على حضارتها وتتطور مع عصرها و لا تهجره.
فالإنتاج الإعلامي المرئي والإذاعي يشهد منذ أعوام تقدماً ناجحاً، إن كان على مستوى البرامج أو الدراما، إذ إنّ البرامج اللبنانية الناجحة حملت اللهجة اللبنانية على أجنحتها إلى آخر أصقاع الأرض، إضافة إلى الأغنية اللبنانية والمسرح.
وتعرّف الجمهور العربي أخيراً إلى عدد كبير من الأعمال البدوية الناجحة التي قرّبت اللهجة إلى المشاهد العربي منذ مسلسل «نمر بن عدوان» (الصورة)، و«عيون عليا»، و«عودة أبو تايه» واحتلت شأناً مهماً في مساحة الإنتاجات العربية وأنفقت عليها موازنات ضخمة. وتشهد الدراما الخليجية قفزة نوعية فتطرح نفسها على خارطة الإنتاج التلفزيوني العربي. إلا أن ذلك لا يمكن أن يقلل من حجم النجاح الذي لقيه مثلاً برنامج «شاعر المليون» الذي سجل العام الماضي على فضائية «أبو ظبي» نسبة متابعة عالية في الخليج العربي، ما يشير إلى شدة اشتياق الجمهور للاستماع إلى لغته. أما في مسلسل «أسمهان»، فلاحظ المشاهد تنوُّع اللهجات المحكية ما بين السورية والمصرية واللبنانية. ومع ذلك، أشار مثقفون مصريون إلى أن اعتماد الإذاعة والتلفزيون المصري البرمجة بالعامية أدى إلى تراجع ثقافي في المجتمع.
وبالنظر الى الخارطة الدرامية هذا العام، نجد أن المسلسل المنتج باللغة العربية الفصحى شبه مفقود باستثناء «أبو جعفر المنصور». وإذا كانت الدراما السورية بإنتاجاتها التلفزيونية قد حققت اختراقاً كبيراً لدى المشاهد العربي، وبالتالي تمكّنت من نقل لهجة بلادها إلى العالم العربي فإنّه لا يخفى على أحد أن نجاح هذه الدراما يأتي من رحم اللغة الفصحى التي يبرع فيها معظم كتّاب الدراما السوريين. كما أن المراقب لتجربة الاتحاد الأوروبي، يجدُ هذا الحرص الشديد لدى الدول المنضوية في هذه البوتقة على الحفاظ على لغتها وهويتها الثقافية في قالب التنوع الأوروبي… فيما العالم العربي الذي يملك قاعدة مشتركة من اللغة الفصحى الموحدة تتضاءل قاعدته عاماً بعد عام، ولا من يعترض!

From: http://www.al-akhbar.com/ar/node/105892

Blog

So you’d like to learn Arabic. Got a decade or so?

September 10th, 2009

By Samar Farah | Staff writer of The Christian Science Monitor

Early last fall, FBI Director Robert Mueller made a public plea for Arabic, Farsi, and Pashto translators. Many Americans, eager to do their part in the war against terrorism, scurried to sign up for language classes. With more than 20,000 applicants to date for roughly 200 positions, the FBI is planning to satisfy its need for translators soon.

But all those now stuck in Introductory Arabic – with the daunting task of learning to decipher what to the untrained eye is nothing more than squiggles – should prepare themselves for a long haul. Mastering another language is never easy, but for English speakers, Arabic presents an even greater challenge.

For most, the biggest hurdle is the difference between the written, or classical, Arabic and the spoken dialects – a characteristic linguists refer to as diglossia.

The written Arabic is common to all Arab nations and is the language of the Koran – partly the mixing of a Meccan dialect with a poetic vernacular. It became fixed in the late 8th century, and has been more or less conserved since then. “I can’t think of another language which has not changed appreciably in 1,400 years,” says Wheeler Thackston, a Near Eastern languages professor at Harvard University.

Arabs themselves know this Arabic only through textbook education. It resembles what they grow up speaking at home as much as Latin resembles English, Professor Thackston says. They use it mostly to write and in more formal situations. It’s the language of politicians and journalists, for example.

On the other hand, the spoken dialects – though they share characteristics with the written standard – vary by region, nation, and often, even by village. And they’re constantly evolving.

As if that’s not complicated enough, most Arabs, depending on the extent of their education and the circumstances of a given moment, will mix and match their own dialect with this literary Arabic. Osama bin Laden spoke such a version of Arabic in his widely broadcast tapes. That means any translator hoping for a steady paycheck needs to know both the written standard as well as at least one dialect. Linguists say a minimum of three years is needed for mastery of the written language alone.

Most US language classes, however, teach only the written Arabic, also known as Fusha. That’s partly for practical reasons: On what basis does an instructor select from more than a dozen different dialects, each potentially fraught with political sensitivities?

The trend is for teachers to weave in small amounts of dialect, especially Egyptian, which, thanks to a burgeoning film industry, is fairly recognizable throughout the Middle East.

But Thackston, who teaches the only course in Levantine Arabic in the US (and one of only a handful of dialect courses), says many teachers unwiselyobscure the vast difference between the written standard and the dialects. Only many credit- hours and tuition dollars later do some students realize their knowledge goes only so far on the streets of, say, Morocco.

Most students, therefore, tend to get their dialect instruction abroad. The government is appropriating more money for programs like the Center for Arabic Study Abroad (CASA), which places American students in Middle Eastern countries for complete linguistic immersion. And Dr. Mahmoud Al-Batal, the director of CASA, expects interest in such programs to rise in the near future. But for now, he says, applications have tapered off.

In addition to diglossia, linguists also point out that Arabic has a penchant for synonyms and a cultural standard that encourages the use of obscure words, something that can stump novice speakers. “Arabic has a tendency to flaunt its rich vocabulary,” says William Granara, professor of Arabic at Harvard.

Others, like Prof. Taoufik Ben-Amor at Columbia University, resist this characterization as an unnecessary mystification of the languagethat deters potential students.

Still, consensus reigns that, in any language, a good translator must have cultural knowledge of the region. This is especially the case for interpreting religious words or phrases in Arabic. For example, “God willing” is a phrase most Arabs unconsciously utter several times a day, regardless of religious beliefs.

From: http://www.csmonitor.com/2002/0117/p14s02-legn.html

Blog

Nader Sraaj Interview on Annahar

September 10th, 2009

الباحث نادر سراج يتحدث عن 800 مقترض لغوي جديد في “لغة الشباب”:

أخشى أن تصبح العربية متداولةً في الامتحانات فحسب

يستعد الباحث اللغوي نادر سراج لإصدار كتاب حول لغة الشباب في لبنان بدعم من المجلس الوطني للبحوث العلمية، بعدما اصدر كتابيه “خطاب الرشوة” و”حوار اللغات” والكثير من الأبحاث اللغوية. في كتابه الجديد معالجة علمية لمعطيات لغة الحياة في المجتمع المديني اللبناني، مأخوذةً لحظة حدوثها، ومدروسةً “على الطبيعة”. ومع ان سراج وجّه أشرعة دراسته صوب سيل المقترضات والمختصرات الغربية التي ترفد بحر لغة الضاد، يومياً، بالجديد والعصري، والغريب، والمستهجن، والمفيد، والمعولم بطبيعته، فمنطلقه كان على وجه التحديد دراسة استراتيجيا الاقتصاد والحذف والاقتراض في صفوف الشباب. لكن وقائع التحقيق الميداني، ومضامين المعطيات المجموعة، وطبيعة تشكل ألفاظها وتراكيبها، دفعته الى تعديل أشرعة بحثه، منهجيةً ومعاينةً وتحليلاً. معه هذا الحوار.

• ما هي الاستنتاجات التي توصلت إليها من خلال بحثك وتنقيبك عن لغة الشباب في لبنان؟
– لغة الشباب هي أسلوب مستجد في عالم التخاطب اليومي. ليست صناعة لبنانية فحسب، لأن غالبية البلدان العربية والغربية اهتمت بهذه الظاهرة الشبابية وتأملت في اللغة التي تنتجها او تصدر عنها. في الجزائر، ثمة ظاهرة اسمها “الحيطيست”، هم الشباب العاطلون عن العمل الذي يسندون الحيطان في الشارع. لقد تم وصفهم بـ”الحيطيست” وهي كلمة مركبة من العربية والفرنسية، ويُقصد بها هؤلاء الذين لا عمل لهم طوال النهار، سوى التبطل والتسند على الجدران والحوائط. في مصر هناك ظاهرة “الروش”: طحن روش وثياب روش وشباب روش… الخ. لبنان لا يغرد خارج السرب، وخصوصا انه يتمتع بميزات عديدة منها التنوع الثقافي والاثني وانفتاحه وقدراته على استقبال كل انواع الموضة، العادي منها أو الغريب أو المستهلك. لذلك، فإن لغة الشباب في لبنان هي رد فعل طبيعي على مؤسسات تُعتبر محافظة، أعني مؤسسة الأهل ومؤسسة الزواج والمؤسسات الجامعية، والمدرسة وبيئة العمل.
يحاول الشبان على نحو دائم، الخروج على إطار التقليد. احيانا يأخذون المفردات القديمة ويحمّلونها دلالات ومعاني جديدة. أضف إلى ذلك أنهم يعتمدون كثيرا على مبدأ الاقتراض من اللغات الأجنبية عموما والانكليزية خصوصا. لقد احصيت في كتابي الجديد نحو 800 مقترض تعود الى مراكز اهتمامات الشباب من اللغات الاجنبية، بين الفرنسية والانكليزية وغيرهما. يعلم الجميع أن دخول الحاسوب والانترنت في حياتنا، ادى الى فيضان “اللغة العنكبوتية” القائمة على الانكليزية. معظم الشبان في لبنان يعرّبون اللغة الانكليزية على طريقتهم، مثل “فرمت” و”سيف” و”أوفرة” وآخرها “تويتر” من twiter، الى درجة ان التعامل مع الانترنت لم يعد يتم إلا من خلال اللغة الانكليزية أو اللغة المقترضة. شيء آخر في موضوع الاقتراض يميل إليه الشبان، مثل الملابس والسيارات والرياضة، والأكل. الأهم من ذلك كله، ان موجات الاقتراض كلها تنشأ في أماكن الاختلاط العامة، يعني أين تنطلق الكلمات الجديدة؟ غالبا في “المول” أو المجمع التجاري، ومقاهي الأرصفة وصالات السينما والأماكن. أصبحت تشكّل بيئات اجتماعية تفاعلية حاضنة للغة الشباية الجديدة، ومعظم الشبان الذين يرتدون ملابس على الموضة أو يحملون حواسيب، لا يمكن إلا ان يكونوا في بيئات المجمعات التجارية، التي تشكل موئلا لإنتاح اللغات وترويجها. هناك عالم متكامل يحتاج الى لغة جديدة. حتى اللهجات المتطورة باتت تعتبر بالنسبة الى الشباب “لغات خشبية. الآن اذا تحدثتُ إلى ابنتي عن مثل شعبي، تقول هذاdémodé . قاطع وقته. لأن حياتها مستغرقة في العوالم العصرية واللحاق بالموضة الجديدة.

• ماذا يتضمن كتابك الجديد عن لغة الشباب؟
– يخوض هذا الكتاب في العديد من المجالات الحياتية العامة التي تخصّ عموم أفراد المجتمع بمن فيهم الشباب من الجنسين. الظواهر اللغوية الاجتماعية المتنوعة، والشائكة، والملتبسة في آنٍ واحد، تسعى لأن تستقصي في ضوء علوم العصر منطلقات حصول التغيرات التعبيرية التي تسود البيئة الشبابية وكيفياتها، جامعية أكانت أم ثانوية أم حتى قوى عاملة وأخرى شعبوية مسيّسة. لهذه الغاية عاينت المعيش في “أرض الواقع”؛ وجمعت معطياتي من طريق السمع والبصر. المواضيع المثارة، مألوفة أكانت أم مسكوتاً عنها ومستبعدة من جنّات البحث العلمي، لفتت انتباهي. خضت فيها وفق إمكاناتي، وبالاستناد إلى المراجع ، بما فيها الإيرانية. وكانت وسائل الإعلام خير معين لنا في هذا البحث الميداني الشائق والشائك على حدّ سواء.
جمعت الكثير من المقترضات التي اصبحت سائدة. على سبيل المثال، محطة تلفزيونية تبث اعلانا عن نفسها يقول “ما اكشنك” (من action الانكليزية). لقد ابتكرت المحطة فعلاً غير موجود في الانكليزية او حتى في العربية، هذا الكلام الذي جمعته، حاولت ان اسنده بمدوّنات صحافية، فاكتشفت ان الميل الجديد للصحافيين في لبنان ينتج مئات التعابير باللغات الأجنبية والمقترضات الاجنبية، ويستخدمها. كنا نحن الباحثين اللغويين نعتبر استعمال الكلمة المقترضة ظاهرة. الآن اصبح استعمال الكلمات المقترضة خبزاً يومياً وعملا بديهيا تستدعيه الاحتياجات التواصلية المستجدة.

• كيف تفسر لغة الشباب الجديدة؟
– لغة الشباب أسميها محاولة تمايز. كان الجيل السابق يلجأ الى الاقتراض بالطبع، لكنه لم يكن يعمد الى “تشويه” كلامنا أو زرعه بمئات المفردات الاجنبية. شخصياً عندما اجد مرادفاً عربيا للكلمة ويؤدي المعنى المطلوب كنتُ استخدمه بدون تردد، لكن الابناء يختلفون كثيرا. عندما تفتح صحيفة كبيرة فتجد عنواناً مثل “الغوغلة” المستمدة من كلمة Google لا تفاجأ. ذلك أنه ليس هناك تعبير يناسب مصدر مراجعة موقع “غوغل” بالعربية. في زمن السرعة هذا، لا مجال للبحث عن كلمة مناسبة او إنتظار اجتماع دوري للمجمع اللغوي في الشام او عمان أو القاهرة وانتظار سنوات لابتداع معادل عربي لكلمة “غوغل”. يبحث الشبان عن اللغة السهلة والسريعة في زمن سيطرة اللغة الانكليزية بمسمياتها ومفرداتها الجديدة ومخترعاتها. الشبان أسرع من جمهور الباحثين الى مواكبة كل جديد، ولا ينتظرون اذنا من المجمعات اللغوية.
لفتتني أثناء بحثي، ظاهرة الاقتصاد اللغوي لدى الشباب الللبناني. هذه الظاهرة حاضرة في اللغات الأجنبية، لكنها في اللغة العربية كانت قليلة او نادرة. لا اذكر الا “م ت ف” (منظمة تحرير الفلسطينية) او “ش ل م” (شركة لبنانية مساهمة) وأمثلة اخرى. اليوم بات هناك استعمالات كثيرة للاقتصاد اللغوي منها على سبيل المثال “س – س” (السعودية – سوريا). على أن الشبان اللبنانيين من خلال الاقتراض اللغوي توصلوا الى الاقتصاد اللغوي أيضا وخصوصا في وسائل الاعلام.

• في ظل طوفان الانترنت ولغته، في رأيك أيّ مستقبل للغة العربية؟
– ما اخشى منه في هذا المجال، ان تتحول اللغة العربية الى مجرد مادة تعليمية كالكيمياء مثلا، يسعى الطلاب الى معرفة ما تيسر منها لاجتياز الامتحان. لذا يلاحظ الاهل أن علاقة الطالب باللغة العربية تنتهي بانتهاء ارتباطه بالمدرسة او الجامعة. فالشبان حين يدخلون الى الجامعات الاجنبية تحديدا، يختارون الشيء المشترك في ما بينهم، وهو اللغة الجديدة، بعيدا من لغة الأهل والحي والناحية. ما تقوم عليه اللغة الشبابية هو مبدأ الاقتراض والاقتصاد، وتالياً كسر الجمود اللغوي التقليدي. كان المصريون يقولون “الجو”، لاحقا فهمنا ان الجو يعني “البنت اللقطة الجميلة”، هذا يسمى تواطؤاً لغويا داخليا بين جماعات محدودة، وبدأ هذا التواطؤ ينتشر بين الشباب الذين يريدون الاستقلال عن الأجيال السابقة، ويريدون لغتهم السرية السريعة التي تناسبهم وتسهل تواصلهم وتجعلهم في مأمن من تعليقات الأهل والاساتذة.
• في رأيك ما مدى تأثير نجوم السينما والرياضة والتلفزيون على اللغة؟
– يتماهى الشباب مع الرموز في العالم، والرموز تُخلق ويُروَّج لها في وسائل الاعلام. منذ مدة قرأت ان مايكل جاكسون اصبح في حياته وحتى بعد مماته رمزا لنوع جديد من الملبوسات الغريبة. بدورهم، نجوم كرة القدم هم رموز، مثل الفرنسي زين الدين زيدان والانكليزي ديفيد بيكهام الذي باتت له قصة شعر “ماركة مسجلة”. وثمة اناس يتحدثون مقلّدين الاعلامي جورج قرداحي معتبرين أن حديثه هو السليم، ونطقه هو الأفضل. يتماهى الشبان مع الرموز الاعلامية في اللباس والكلام وطريقة المشي والحديث وحتى في أسلوب التدخين.
وهنا يكون للنجم – والنجمة بالطبع – دوره في “تشريع”، لا بل اطلاق العنان لكل شيء، من اللباس الى السلوك الى اللغات. ثمة تعابير يستعملها الشبان ولا ينتبهون الى معانيها الحقيقية أو الى السياقات الواجب ادراجها فيها، وهذا ما لاحظته من خلال مراقبة اعمال زياد رحباني الذي يلتقط الكلام الشبابي في الشارع ويستعمله على مستوى اعلى في المسرحيات والأغاني والمقابلات، ويعمد الشباب الى ترداده متناسين ان هذه لهجتهم وأن هذه المفردات هي صنيعتهم اليومية. مردّ هذه الظاهرة الى ان وسائل الاعلام او المسرحيات او الرموز – النجوم، هم الأقدر على “شرعنة” الكلام وترويجه في معظم الاحيان. فأن يقول زياد رحباني كلمة شبابية متداولة في الشارع ويجعلها عنوانا لعمل فني، مثل “منيحة”، فهي تُنسب إعلاميا وفنيا الى مستخدمها الأخير والأكثر قدرة على الترويج واعادة الانتاج في ثوب شبابي وترويجي جديد. هكذا، فاللغة وتحولاتها دورة متكاملة، من منتجها الأول الى متلقيها فإلى ملتقطها. تابعتُ اعلاناً تلفزيونيا عن مسرحية لمارك قديح عنوانها “حياة الجغل صعبة”. كلمة “جغل” اصبحت متداولة جدا، ومعناها في الأجنبية الشاب الذي يعيش على نفقة امرأة، لكن “الجغل” العربي مختلف تمام الاختلاف، فهو الشاب الجميل الذي يظهر بـ”لوكات” مختلفة او يطارد الفتيات محاولا استمالتهن، أو “شدّهن” بحسب التعبير الشبابي الأدق…

• هل تختار أمكنة في عينها لتستنبط منها بعض الملاحظات اللغوية؟
– اتقصد احيانا ان أصعد مع سائقي التاكسي لأسمع كلام الناس اليومي وبأي لغة يتحدثون. فالمواطن العادي لا يصطنع كلامه في تواصله العفوي. كلامه طبيعي وله دلالات مباشرة، لكنه اقدر منا على التعبير المباشر وخلق الصور المجازية الطريفة والصادقة وغير المتكلفة.

• في أي الأمكنة تحديدا يتم ترويج اللغات الشبابية؟
– كباحث لساني، اعتبر ان اللغات الجديدة جزء لا يتجزأ من الحراك الإجتماعي، لان المجتمع اللبناني تعددي. بغض النظر عن التزمت السياسي والديني، لا تزال هناك مساحة معقولة للتعبير الحر. وتظهر هذه اللغة الشبابية في اماكن التلاقي.
في ما مضى كان هناك ساحة البرج، يجتمع فيها ابناء الجماعات اللبنانية من مختلف المناطق فيخلقون لغة مشتركة في ما بينهم تخفف من وطأة اللهجات المحلية. اليوم هناك المجمّعات ومقاهي الرصيف تساهم في ترويج لغة جديدة مستمدة من لغة الانترنت والعولمة.
وهناك البيئات الجامعية المنفتحة التي تشكل موئل التلاقي ايضا، وبما ان هذه الجامعات ثقافتها انغلوفونية او فرنكوفونية، فلا بد أن تتلون هذه اللغات الجديدة بكم واسع من الكلمات الاجنبية، في الدلالة والتركيب. لذلك لا يمكننا الحديث عن لغة شبابية جديدة من دون ربطها بالعالم الاستهلاكي المحض، والبئيات الجامعية التربوية الحاضنة والمنتجة والمروجة. انهما قطبان لا يلتقيان لكنهما يشكلان رحم هذه اللغة الشابية الجديدة.

• ثمة عبارة لكارل ماركس تقول “كل ما هو صلب يتبخر ويطير في الهواء”. الا تنطبق هذه العبارة على اللغة ايضا؟
– كان الممثل والشاعر والكاتب يشكلون طبقة بعيدة يسمّونها مخملية عالية. اليوم تفتح الصحف وتقرأ أسماء غريبة عجيبة ومغمورة، ثمة سهولة في الكتابة والاخراج والتدوين والتمثيل ونظم الشعر وكتابة القصص.
حتى في زمن الانترنت لم تعد اهمية الكاتب في النظريات التي يقدّمها بل في عدد المرات التي يُذكر فيها اسمه على الانترنت. اصبح التفاخر في عالم اخر. حتى التقنيات الحديثة التي وجدت لتسهل مهامنا للبحث عن المعارف، دخلت في وظيفة من اجل تعزيز الأنا، بغض النظر عن المكتوب.

From Annahar: http://www.annahar.com/content.php?table=adab&type=adab&priority=2&day=Mon

Blog