Article By Faten El Hajj
صينيّات في «الآداب ـ 1»: اللغة العربيّة تحدٍّ والمخاطبة الشفويّة عائق
فاتن الحاج
انتقلت خمس طالبات صينيات هذا العام من جامعة شنغهاي إلى كلية الآداب والعلوم الإنسانية ــ الفرع الأول في الجامعة اللبنانية لدراسة اللغة العربية وآدابها
لم يكن الأسبوعان اللذان قضتهما الطالبات الصينيات حتى الآن في لبنان كافييْن لإطلاق الحوارات اليومية مع الطلاب والانخراط في الحياة اللبنانية. فالمخاطبة الشفوية لا تزال تشكل عائقاً أمام قدرة الفتيات على التفاعل لكونهن تعوّدن التعبير كتابياً، أو بواسطة القراءة. وكانت الطالبات الخمس قد اكتسبن أسماءهن العربية وهنّ في الصين، فهناك بشرى (شومين لاي)، نجمة (سان هواي)، وردة (وانغ واي واي)، ندى (أو لين)، وسوزان (شينغ رونغ). وحدها بشرى (20 عاماً) تُعبّر بطلاقة عن أفكارها وهواجسها باللغة العربية الفصحى، فيما تتلعثم الباقيات لدى الحديث بهذه اللغة، وإن كنّ اخترنها مجالاً للدراسة بمحض إرادتهن. وهنا تؤكد ندى (20عاماً) بحماسة «اللغة العربية تتميز عن كل لغات العالم، وكانت دراستها بالنسبة إلينا تحدياً سنخوضه حتى النهاية».
لكن «يبدو أننا سنعود إلى السنة الأولى، بعدما قُبِلْنا في السنة الثانية»، تتدخل بشرى، «فمستوانا ليس مناسباً للصف، وهناك تفاصيل لا نعرفها، كذلك فإننا نواجه صعوبة كبيرة في استيعاب كل ما يشرحه الأستاذ، علماً بأننا في السنة الثالثة في جامعة شنغهاي، لكننا لم نتدرب هناك على الاستماع». ومع ذلك، تسعى بشرى إلى التعمق في دراسة الحضارة العربية العريقة وتطمح إلى العمل كمترجمة في وزارة الخارجية الصينية.
وتنتقل الفتيات للحديث عن الرحلة اليومية التي يقطعنها من مكان الإقامة في السكن الطلابي في المدينة الجامعية في الحدث إلى كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الأونيسكو. «المسافة طويلة ومتعبة وعلينا أن نستيقظ في السادسة صباحاً لنصل في الوقت المحدد، وبالمناسبة اليوم وبّخَنا الأستاذ، لأننا تأخرنا عن الالتحاق بالمحاضرة»، تقول وردة (19عاماً) التي تشرح معاناة الطالبات مع النقل العام. وهنا تردف ندى: «علينا أن ننتظر الفان ليقلّنا إلى الكلية حيث تستغرق المسافة ساعة كاملة»، «فليس لدينا ما يكفي من النقود لاعتماد سيارة أجرة»، تعلّق بشرى، «علماً بأنّ السفارة خصّصت لنا سيارة تنقلنا جميعاً بـ50 دولاراً أميركياً خلال أربعة أيام، لكنّنا رفضنا لأنّ المبلغ لا يزال مرتفعاً»، على حد تعبير بشرى. وعما إذا كانت الحكومة الصينية تتكفل بالمصاريف، توضح سوزان (19 عاماً) أنّ الحكومة تكفلت فقط بالتعليم، فيما قدّمت لنا الجامعة اللبنانية السكن الطلابي مجاناً.
وعن العلاقة مع الزميلات والزملاء، لا يزال الاختلاط ضعيفاً، تقول بشرى، «لكننا تعرفنا إلى إحدى الصديقات التي قمنا بزيارتها نهاية الأسبوع الماضي في بلدة القليلة الجنوبية حيث قصدنا السوق الشعبي واشترينا قاموس إنكليزي ـــــ عربي».
ماذا عن التعرّف إلى الشبان؟ تبتسم بشرى وتقول: «الشبان جيدون وقد لمسنا لديهم حشرية في التحدث إلينا، إذ تلقينا بعض المكالمات الهاتفية، لكننا كنا حذرات في التعامل معهم لأننا لا نعرفهم جيداً».
وكيف تقضين أوقات الفراغ؟ تبادر وردة إلى القول: «لبنان جميل جداً وميزته أنّه يطل على البحر الأبيض المتوسط، لكننا حتى الآن لم نكوّن صداقات كثيرة ونمضي معظم وقتنا في غرفة المسكن في الحدث، إذ لا محال تجارية كثيرة بالقرب من المدينة الجامعية، وفي نهاية الأسبوع، نقصد مقاهي الإنترنت للاتصال بأهلنا». وهنا تتحدث بشرى عن قلق ينتاب عائلتها في الصين بسبب الأوضاع غير المستقرة في لبنان، «لكنّ حياتي اليوم هنا، وأشتاق إلى أهلي كثيراً لكنني لا أبكي».
من جهتها، تُخبر سوزان أهلها عن الأطعمة اللذيذة التي تتذوقها في لبنان: «نحب الطاووق واللحم المشوي والبطاطا المقلية والمناقيش والتبولة والكبة والحمص…». وقد استقبل رئيس قسم اللغة العربية وآدابها الدكتور أحمد أبو ملحم الطالبات الصينيات واصطحبهن إلى القاعات وأعطى توجيهاته بالاهتمام بهن اهتماماً خاصاً، وهو يتابع تجربتهن عن كثب للوقوف عند المشاكل التي يعانين منها. ودعا أبو ملحم الطالبات إلى الاختلاط بزملائهم وإطلاق الحوارات اليومية كي يتمكّنّ من متابعة الدروس واجتياز الامتحانات. وأوضح أبو ملحم أنّها ليست التجربة الأولى في الجامعة اللبنانية، فقد سبق للجامعة أن استضافت طلاباً كوريين وعرباً في إطار التبادل الثقافي، لكنّ هذا التبادل بقي متقطعاً.