Section

‘Blog’

Article by Zeina Mansour

September 10th, 2009

هل تحقق الفضائيات… «نبوءة» سعيد عقل؟

بعد نجاح المسلسلات التركية المُدبلجة إلى اللهجة السورية، وانتشار الأعمال البدوية، وانحسار الإنتاجات التاريخية لمصلحة الدراما الاجتماعية… ماذا بقي من الفُصحى على الشاشات العربية؟ زينة منصور

في العدد الثالث من المجلة الفصلية الصادرة عن اتحاد إذاعات الدول العربية، توقَّف الاتحاد عند مسألة «الإنتاج الإعلامي العربي بين اللهجة العامية واللغة العربية الفصحى»، في محاولة منه لتسليط الضوء على استبدال اللغة العربية الفصحى باللهجة المحكية، وهي ظاهرةٌ اجتاحت الشاشات والإذاعات العربية في الفترة الأخيرة. هكذا، يبدو أن وسائل الإعلام العربية تأثرت بموجة الإنتاجات الإذاعية والتلفزيونية باللهجة المحكية، على اعتبارها مرآة تعكس الحراك الاجتماعي داخل المجتمعات، ومن ثم تُصدِّره إلى خارج الحدود. غير أنه غاب عن الأذهان حجم التراجع الذي لحق بالثقافة العربية، حالما تقدمت هذه اللهجات على حساب العربية الفصحى التي صدّرت حرفها إلى بلاد الأناضول وفارس وآسيا الوسطى (*). فهل صحّت نبوءة الشاعر سعيد عقل يوم توقع اندثار اللغة العربية لمصلحة اللهجات المحكية، إذ يختفي الحرف العربي ليُستبدل بالحرف اللاتيني كما حدث في تركيا بعد أتاتوررك؟ وهل ما تعيشه الأجيال العربية اليوم من تجربة الكتابة الإلكترونية بالحرف اللاتيني تأكيد لهذه الفكرة؟
لم يشهد الإعلام العربي المرئي والمسموع مجافاةً للغة العربية الفصحى، كما يحدث اليوم. وبات سلطان اللغة الفصحى يتراجع لتحلّ مكانه سلاطين اللهجات المحلية في الإنتاج الإعلامي الإذاعي والتلفزيوني والإعلاني. هذه اللغة التي جرت دسترتها على اعتبارها اللغة الرسمية للدول العربية، تشهد اندثاراً في ظل إهمالها وعدم تطويرها الإعلامي بطريقة تقرّبها من المشاهدين وتمنع انحسارها بالمؤسسات التربوية والأكاديمية وشريحة المثقفين العرب. ويجوز القول إنه لولا التزام الإعلام الإخباري والمكتوب بهذه اللغة، لكانت على وشك الاختفاء في ظل تراجع حركة التأليف والنشر والطباعة وابتعاد الناس عن القراءة.
وفي غمرة النجاحات لكثير من الإنتاجات التي قدّمت باللهجة المحلية، وآخرها هذا العام المسلسلات التركية المدبلجة إلى السورية ـ وقد أعجبت بعضهم على اعتبارها لهجة الساحل السوري القريبة للغة التركية ـ (علماً أن اللغة العربية تحتلُّ أربعين في المئة من مصطلحاتها)… تجدُ أن الحل الأمثل يبقى برسم الإعلام والمؤسسات التربوية لتطوير هذه اللغة «الإرث»، لتصبح لغة وسطية تحافظ على حضارتها وتتطور مع عصرها و لا تهجره.
فالإنتاج الإعلامي المرئي والإذاعي يشهد منذ أعوام تقدماً ناجحاً، إن كان على مستوى البرامج أو الدراما، إذ إنّ البرامج اللبنانية الناجحة حملت اللهجة اللبنانية على أجنحتها إلى آخر أصقاع الأرض، إضافة إلى الأغنية اللبنانية والمسرح.
وتعرّف الجمهور العربي أخيراً إلى عدد كبير من الأعمال البدوية الناجحة التي قرّبت اللهجة إلى المشاهد العربي منذ مسلسل «نمر بن عدوان» (الصورة)، و«عيون عليا»، و«عودة أبو تايه» واحتلت شأناً مهماً في مساحة الإنتاجات العربية وأنفقت عليها موازنات ضخمة. وتشهد الدراما الخليجية قفزة نوعية فتطرح نفسها على خارطة الإنتاج التلفزيوني العربي. إلا أن ذلك لا يمكن أن يقلل من حجم النجاح الذي لقيه مثلاً برنامج «شاعر المليون» الذي سجل العام الماضي على فضائية «أبو ظبي» نسبة متابعة عالية في الخليج العربي، ما يشير إلى شدة اشتياق الجمهور للاستماع إلى لغته. أما في مسلسل «أسمهان»، فلاحظ المشاهد تنوُّع اللهجات المحكية ما بين السورية والمصرية واللبنانية. ومع ذلك، أشار مثقفون مصريون إلى أن اعتماد الإذاعة والتلفزيون المصري البرمجة بالعامية أدى إلى تراجع ثقافي في المجتمع.
وبالنظر الى الخارطة الدرامية هذا العام، نجد أن المسلسل المنتج باللغة العربية الفصحى شبه مفقود باستثناء «أبو جعفر المنصور». وإذا كانت الدراما السورية بإنتاجاتها التلفزيونية قد حققت اختراقاً كبيراً لدى المشاهد العربي، وبالتالي تمكّنت من نقل لهجة بلادها إلى العالم العربي فإنّه لا يخفى على أحد أن نجاح هذه الدراما يأتي من رحم اللغة الفصحى التي يبرع فيها معظم كتّاب الدراما السوريين. كما أن المراقب لتجربة الاتحاد الأوروبي، يجدُ هذا الحرص الشديد لدى الدول المنضوية في هذه البوتقة على الحفاظ على لغتها وهويتها الثقافية في قالب التنوع الأوروبي… فيما العالم العربي الذي يملك قاعدة مشتركة من اللغة الفصحى الموحدة تتضاءل قاعدته عاماً بعد عام، ولا من يعترض!

From: http://www.al-akhbar.com/ar/node/105892

Blog

So you’d like to learn Arabic. Got a decade or so?

September 10th, 2009

By Samar Farah | Staff writer of The Christian Science Monitor

Early last fall, FBI Director Robert Mueller made a public plea for Arabic, Farsi, and Pashto translators. Many Americans, eager to do their part in the war against terrorism, scurried to sign up for language classes. With more than 20,000 applicants to date for roughly 200 positions, the FBI is planning to satisfy its need for translators soon.

But all those now stuck in Introductory Arabic – with the daunting task of learning to decipher what to the untrained eye is nothing more than squiggles – should prepare themselves for a long haul. Mastering another language is never easy, but for English speakers, Arabic presents an even greater challenge.

For most, the biggest hurdle is the difference between the written, or classical, Arabic and the spoken dialects – a characteristic linguists refer to as diglossia.

The written Arabic is common to all Arab nations and is the language of the Koran – partly the mixing of a Meccan dialect with a poetic vernacular. It became fixed in the late 8th century, and has been more or less conserved since then. “I can’t think of another language which has not changed appreciably in 1,400 years,” says Wheeler Thackston, a Near Eastern languages professor at Harvard University.

Arabs themselves know this Arabic only through textbook education. It resembles what they grow up speaking at home as much as Latin resembles English, Professor Thackston says. They use it mostly to write and in more formal situations. It’s the language of politicians and journalists, for example.

On the other hand, the spoken dialects – though they share characteristics with the written standard – vary by region, nation, and often, even by village. And they’re constantly evolving.

As if that’s not complicated enough, most Arabs, depending on the extent of their education and the circumstances of a given moment, will mix and match their own dialect with this literary Arabic. Osama bin Laden spoke such a version of Arabic in his widely broadcast tapes. That means any translator hoping for a steady paycheck needs to know both the written standard as well as at least one dialect. Linguists say a minimum of three years is needed for mastery of the written language alone.

Most US language classes, however, teach only the written Arabic, also known as Fusha. That’s partly for practical reasons: On what basis does an instructor select from more than a dozen different dialects, each potentially fraught with political sensitivities?

The trend is for teachers to weave in small amounts of dialect, especially Egyptian, which, thanks to a burgeoning film industry, is fairly recognizable throughout the Middle East.

But Thackston, who teaches the only course in Levantine Arabic in the US (and one of only a handful of dialect courses), says many teachers unwiselyobscure the vast difference between the written standard and the dialects. Only many credit- hours and tuition dollars later do some students realize their knowledge goes only so far on the streets of, say, Morocco.

Most students, therefore, tend to get their dialect instruction abroad. The government is appropriating more money for programs like the Center for Arabic Study Abroad (CASA), which places American students in Middle Eastern countries for complete linguistic immersion. And Dr. Mahmoud Al-Batal, the director of CASA, expects interest in such programs to rise in the near future. But for now, he says, applications have tapered off.

In addition to diglossia, linguists also point out that Arabic has a penchant for synonyms and a cultural standard that encourages the use of obscure words, something that can stump novice speakers. “Arabic has a tendency to flaunt its rich vocabulary,” says William Granara, professor of Arabic at Harvard.

Others, like Prof. Taoufik Ben-Amor at Columbia University, resist this characterization as an unnecessary mystification of the languagethat deters potential students.

Still, consensus reigns that, in any language, a good translator must have cultural knowledge of the region. This is especially the case for interpreting religious words or phrases in Arabic. For example, “God willing” is a phrase most Arabs unconsciously utter several times a day, regardless of religious beliefs.

From: http://www.csmonitor.com/2002/0117/p14s02-legn.html

Blog

Nader Sraaj Interview on Annahar

September 10th, 2009

الباحث نادر سراج يتحدث عن 800 مقترض لغوي جديد في “لغة الشباب”:

أخشى أن تصبح العربية متداولةً في الامتحانات فحسب

يستعد الباحث اللغوي نادر سراج لإصدار كتاب حول لغة الشباب في لبنان بدعم من المجلس الوطني للبحوث العلمية، بعدما اصدر كتابيه “خطاب الرشوة” و”حوار اللغات” والكثير من الأبحاث اللغوية. في كتابه الجديد معالجة علمية لمعطيات لغة الحياة في المجتمع المديني اللبناني، مأخوذةً لحظة حدوثها، ومدروسةً “على الطبيعة”. ومع ان سراج وجّه أشرعة دراسته صوب سيل المقترضات والمختصرات الغربية التي ترفد بحر لغة الضاد، يومياً، بالجديد والعصري، والغريب، والمستهجن، والمفيد، والمعولم بطبيعته، فمنطلقه كان على وجه التحديد دراسة استراتيجيا الاقتصاد والحذف والاقتراض في صفوف الشباب. لكن وقائع التحقيق الميداني، ومضامين المعطيات المجموعة، وطبيعة تشكل ألفاظها وتراكيبها، دفعته الى تعديل أشرعة بحثه، منهجيةً ومعاينةً وتحليلاً. معه هذا الحوار.

• ما هي الاستنتاجات التي توصلت إليها من خلال بحثك وتنقيبك عن لغة الشباب في لبنان؟
– لغة الشباب هي أسلوب مستجد في عالم التخاطب اليومي. ليست صناعة لبنانية فحسب، لأن غالبية البلدان العربية والغربية اهتمت بهذه الظاهرة الشبابية وتأملت في اللغة التي تنتجها او تصدر عنها. في الجزائر، ثمة ظاهرة اسمها “الحيطيست”، هم الشباب العاطلون عن العمل الذي يسندون الحيطان في الشارع. لقد تم وصفهم بـ”الحيطيست” وهي كلمة مركبة من العربية والفرنسية، ويُقصد بها هؤلاء الذين لا عمل لهم طوال النهار، سوى التبطل والتسند على الجدران والحوائط. في مصر هناك ظاهرة “الروش”: طحن روش وثياب روش وشباب روش… الخ. لبنان لا يغرد خارج السرب، وخصوصا انه يتمتع بميزات عديدة منها التنوع الثقافي والاثني وانفتاحه وقدراته على استقبال كل انواع الموضة، العادي منها أو الغريب أو المستهلك. لذلك، فإن لغة الشباب في لبنان هي رد فعل طبيعي على مؤسسات تُعتبر محافظة، أعني مؤسسة الأهل ومؤسسة الزواج والمؤسسات الجامعية، والمدرسة وبيئة العمل.
يحاول الشبان على نحو دائم، الخروج على إطار التقليد. احيانا يأخذون المفردات القديمة ويحمّلونها دلالات ومعاني جديدة. أضف إلى ذلك أنهم يعتمدون كثيرا على مبدأ الاقتراض من اللغات الأجنبية عموما والانكليزية خصوصا. لقد احصيت في كتابي الجديد نحو 800 مقترض تعود الى مراكز اهتمامات الشباب من اللغات الاجنبية، بين الفرنسية والانكليزية وغيرهما. يعلم الجميع أن دخول الحاسوب والانترنت في حياتنا، ادى الى فيضان “اللغة العنكبوتية” القائمة على الانكليزية. معظم الشبان في لبنان يعرّبون اللغة الانكليزية على طريقتهم، مثل “فرمت” و”سيف” و”أوفرة” وآخرها “تويتر” من twiter، الى درجة ان التعامل مع الانترنت لم يعد يتم إلا من خلال اللغة الانكليزية أو اللغة المقترضة. شيء آخر في موضوع الاقتراض يميل إليه الشبان، مثل الملابس والسيارات والرياضة، والأكل. الأهم من ذلك كله، ان موجات الاقتراض كلها تنشأ في أماكن الاختلاط العامة، يعني أين تنطلق الكلمات الجديدة؟ غالبا في “المول” أو المجمع التجاري، ومقاهي الأرصفة وصالات السينما والأماكن. أصبحت تشكّل بيئات اجتماعية تفاعلية حاضنة للغة الشباية الجديدة، ومعظم الشبان الذين يرتدون ملابس على الموضة أو يحملون حواسيب، لا يمكن إلا ان يكونوا في بيئات المجمعات التجارية، التي تشكل موئلا لإنتاح اللغات وترويجها. هناك عالم متكامل يحتاج الى لغة جديدة. حتى اللهجات المتطورة باتت تعتبر بالنسبة الى الشباب “لغات خشبية. الآن اذا تحدثتُ إلى ابنتي عن مثل شعبي، تقول هذاdémodé . قاطع وقته. لأن حياتها مستغرقة في العوالم العصرية واللحاق بالموضة الجديدة.

• ماذا يتضمن كتابك الجديد عن لغة الشباب؟
– يخوض هذا الكتاب في العديد من المجالات الحياتية العامة التي تخصّ عموم أفراد المجتمع بمن فيهم الشباب من الجنسين. الظواهر اللغوية الاجتماعية المتنوعة، والشائكة، والملتبسة في آنٍ واحد، تسعى لأن تستقصي في ضوء علوم العصر منطلقات حصول التغيرات التعبيرية التي تسود البيئة الشبابية وكيفياتها، جامعية أكانت أم ثانوية أم حتى قوى عاملة وأخرى شعبوية مسيّسة. لهذه الغاية عاينت المعيش في “أرض الواقع”؛ وجمعت معطياتي من طريق السمع والبصر. المواضيع المثارة، مألوفة أكانت أم مسكوتاً عنها ومستبعدة من جنّات البحث العلمي، لفتت انتباهي. خضت فيها وفق إمكاناتي، وبالاستناد إلى المراجع ، بما فيها الإيرانية. وكانت وسائل الإعلام خير معين لنا في هذا البحث الميداني الشائق والشائك على حدّ سواء.
جمعت الكثير من المقترضات التي اصبحت سائدة. على سبيل المثال، محطة تلفزيونية تبث اعلانا عن نفسها يقول “ما اكشنك” (من action الانكليزية). لقد ابتكرت المحطة فعلاً غير موجود في الانكليزية او حتى في العربية، هذا الكلام الذي جمعته، حاولت ان اسنده بمدوّنات صحافية، فاكتشفت ان الميل الجديد للصحافيين في لبنان ينتج مئات التعابير باللغات الأجنبية والمقترضات الاجنبية، ويستخدمها. كنا نحن الباحثين اللغويين نعتبر استعمال الكلمة المقترضة ظاهرة. الآن اصبح استعمال الكلمات المقترضة خبزاً يومياً وعملا بديهيا تستدعيه الاحتياجات التواصلية المستجدة.

• كيف تفسر لغة الشباب الجديدة؟
– لغة الشباب أسميها محاولة تمايز. كان الجيل السابق يلجأ الى الاقتراض بالطبع، لكنه لم يكن يعمد الى “تشويه” كلامنا أو زرعه بمئات المفردات الاجنبية. شخصياً عندما اجد مرادفاً عربيا للكلمة ويؤدي المعنى المطلوب كنتُ استخدمه بدون تردد، لكن الابناء يختلفون كثيرا. عندما تفتح صحيفة كبيرة فتجد عنواناً مثل “الغوغلة” المستمدة من كلمة Google لا تفاجأ. ذلك أنه ليس هناك تعبير يناسب مصدر مراجعة موقع “غوغل” بالعربية. في زمن السرعة هذا، لا مجال للبحث عن كلمة مناسبة او إنتظار اجتماع دوري للمجمع اللغوي في الشام او عمان أو القاهرة وانتظار سنوات لابتداع معادل عربي لكلمة “غوغل”. يبحث الشبان عن اللغة السهلة والسريعة في زمن سيطرة اللغة الانكليزية بمسمياتها ومفرداتها الجديدة ومخترعاتها. الشبان أسرع من جمهور الباحثين الى مواكبة كل جديد، ولا ينتظرون اذنا من المجمعات اللغوية.
لفتتني أثناء بحثي، ظاهرة الاقتصاد اللغوي لدى الشباب الللبناني. هذه الظاهرة حاضرة في اللغات الأجنبية، لكنها في اللغة العربية كانت قليلة او نادرة. لا اذكر الا “م ت ف” (منظمة تحرير الفلسطينية) او “ش ل م” (شركة لبنانية مساهمة) وأمثلة اخرى. اليوم بات هناك استعمالات كثيرة للاقتصاد اللغوي منها على سبيل المثال “س – س” (السعودية – سوريا). على أن الشبان اللبنانيين من خلال الاقتراض اللغوي توصلوا الى الاقتصاد اللغوي أيضا وخصوصا في وسائل الاعلام.

• في ظل طوفان الانترنت ولغته، في رأيك أيّ مستقبل للغة العربية؟
– ما اخشى منه في هذا المجال، ان تتحول اللغة العربية الى مجرد مادة تعليمية كالكيمياء مثلا، يسعى الطلاب الى معرفة ما تيسر منها لاجتياز الامتحان. لذا يلاحظ الاهل أن علاقة الطالب باللغة العربية تنتهي بانتهاء ارتباطه بالمدرسة او الجامعة. فالشبان حين يدخلون الى الجامعات الاجنبية تحديدا، يختارون الشيء المشترك في ما بينهم، وهو اللغة الجديدة، بعيدا من لغة الأهل والحي والناحية. ما تقوم عليه اللغة الشبابية هو مبدأ الاقتراض والاقتصاد، وتالياً كسر الجمود اللغوي التقليدي. كان المصريون يقولون “الجو”، لاحقا فهمنا ان الجو يعني “البنت اللقطة الجميلة”، هذا يسمى تواطؤاً لغويا داخليا بين جماعات محدودة، وبدأ هذا التواطؤ ينتشر بين الشباب الذين يريدون الاستقلال عن الأجيال السابقة، ويريدون لغتهم السرية السريعة التي تناسبهم وتسهل تواصلهم وتجعلهم في مأمن من تعليقات الأهل والاساتذة.
• في رأيك ما مدى تأثير نجوم السينما والرياضة والتلفزيون على اللغة؟
– يتماهى الشباب مع الرموز في العالم، والرموز تُخلق ويُروَّج لها في وسائل الاعلام. منذ مدة قرأت ان مايكل جاكسون اصبح في حياته وحتى بعد مماته رمزا لنوع جديد من الملبوسات الغريبة. بدورهم، نجوم كرة القدم هم رموز، مثل الفرنسي زين الدين زيدان والانكليزي ديفيد بيكهام الذي باتت له قصة شعر “ماركة مسجلة”. وثمة اناس يتحدثون مقلّدين الاعلامي جورج قرداحي معتبرين أن حديثه هو السليم، ونطقه هو الأفضل. يتماهى الشبان مع الرموز الاعلامية في اللباس والكلام وطريقة المشي والحديث وحتى في أسلوب التدخين.
وهنا يكون للنجم – والنجمة بالطبع – دوره في “تشريع”، لا بل اطلاق العنان لكل شيء، من اللباس الى السلوك الى اللغات. ثمة تعابير يستعملها الشبان ولا ينتبهون الى معانيها الحقيقية أو الى السياقات الواجب ادراجها فيها، وهذا ما لاحظته من خلال مراقبة اعمال زياد رحباني الذي يلتقط الكلام الشبابي في الشارع ويستعمله على مستوى اعلى في المسرحيات والأغاني والمقابلات، ويعمد الشباب الى ترداده متناسين ان هذه لهجتهم وأن هذه المفردات هي صنيعتهم اليومية. مردّ هذه الظاهرة الى ان وسائل الاعلام او المسرحيات او الرموز – النجوم، هم الأقدر على “شرعنة” الكلام وترويجه في معظم الاحيان. فأن يقول زياد رحباني كلمة شبابية متداولة في الشارع ويجعلها عنوانا لعمل فني، مثل “منيحة”، فهي تُنسب إعلاميا وفنيا الى مستخدمها الأخير والأكثر قدرة على الترويج واعادة الانتاج في ثوب شبابي وترويجي جديد. هكذا، فاللغة وتحولاتها دورة متكاملة، من منتجها الأول الى متلقيها فإلى ملتقطها. تابعتُ اعلاناً تلفزيونيا عن مسرحية لمارك قديح عنوانها “حياة الجغل صعبة”. كلمة “جغل” اصبحت متداولة جدا، ومعناها في الأجنبية الشاب الذي يعيش على نفقة امرأة، لكن “الجغل” العربي مختلف تمام الاختلاف، فهو الشاب الجميل الذي يظهر بـ”لوكات” مختلفة او يطارد الفتيات محاولا استمالتهن، أو “شدّهن” بحسب التعبير الشبابي الأدق…

• هل تختار أمكنة في عينها لتستنبط منها بعض الملاحظات اللغوية؟
– اتقصد احيانا ان أصعد مع سائقي التاكسي لأسمع كلام الناس اليومي وبأي لغة يتحدثون. فالمواطن العادي لا يصطنع كلامه في تواصله العفوي. كلامه طبيعي وله دلالات مباشرة، لكنه اقدر منا على التعبير المباشر وخلق الصور المجازية الطريفة والصادقة وغير المتكلفة.

• في أي الأمكنة تحديدا يتم ترويج اللغات الشبابية؟
– كباحث لساني، اعتبر ان اللغات الجديدة جزء لا يتجزأ من الحراك الإجتماعي، لان المجتمع اللبناني تعددي. بغض النظر عن التزمت السياسي والديني، لا تزال هناك مساحة معقولة للتعبير الحر. وتظهر هذه اللغة الشبابية في اماكن التلاقي.
في ما مضى كان هناك ساحة البرج، يجتمع فيها ابناء الجماعات اللبنانية من مختلف المناطق فيخلقون لغة مشتركة في ما بينهم تخفف من وطأة اللهجات المحلية. اليوم هناك المجمّعات ومقاهي الرصيف تساهم في ترويج لغة جديدة مستمدة من لغة الانترنت والعولمة.
وهناك البيئات الجامعية المنفتحة التي تشكل موئل التلاقي ايضا، وبما ان هذه الجامعات ثقافتها انغلوفونية او فرنكوفونية، فلا بد أن تتلون هذه اللغات الجديدة بكم واسع من الكلمات الاجنبية، في الدلالة والتركيب. لذلك لا يمكننا الحديث عن لغة شبابية جديدة من دون ربطها بالعالم الاستهلاكي المحض، والبئيات الجامعية التربوية الحاضنة والمنتجة والمروجة. انهما قطبان لا يلتقيان لكنهما يشكلان رحم هذه اللغة الشابية الجديدة.

• ثمة عبارة لكارل ماركس تقول “كل ما هو صلب يتبخر ويطير في الهواء”. الا تنطبق هذه العبارة على اللغة ايضا؟
– كان الممثل والشاعر والكاتب يشكلون طبقة بعيدة يسمّونها مخملية عالية. اليوم تفتح الصحف وتقرأ أسماء غريبة عجيبة ومغمورة، ثمة سهولة في الكتابة والاخراج والتدوين والتمثيل ونظم الشعر وكتابة القصص.
حتى في زمن الانترنت لم تعد اهمية الكاتب في النظريات التي يقدّمها بل في عدد المرات التي يُذكر فيها اسمه على الانترنت. اصبح التفاخر في عالم اخر. حتى التقنيات الحديثة التي وجدت لتسهل مهامنا للبحث عن المعارف، دخلت في وظيفة من اجل تعزيز الأنا، بغض النظر عن المكتوب.

From Annahar: http://www.annahar.com/content.php?table=adab&type=adab&priority=2&day=Mon

Blog

Article by Mansour Bou Dagher

September 9th, 2009

اللغة اللبنانية بالحرف اللاتيني بين رسائل الهاتف والعقل الالكتروني…وسعيد عقل!
منصور بوداغر

لا يزال سعيد عقل، رغم سنه الذي ناهز الخامسة والتسعين، محور المعرفة اللغوية بأبجديته المبنية على الحرف اللاتيني التي وضع أسسها منذ ما يزيد على خمسة وأربعين عاما، والهادفة إلى كتابة اللغة اللبنانية بالحرف اللاتيني.

ويتفق المشتغلون باللغة ولا سيّما العالمون منهم بحرف سعيد عقل على أن ما يستعمله اليوم الناس في كتابتهم لرسائلهم الالكترونية وتواصلهم عبر الانترنت هو المبدأ الذي سعى إليه الشاعر الكبير وليس الابجدية التي وضعها مع ضوابطها والتي، إن تم تعميمها، لحلت كل مشاكل الحرف التي يواجهها المتواصلون على الانترنت في أحاديثهم ورسائلهم. ويشيرون إلى رفض سعيد عقل تسمية “لغة سعيد عقل” على اعتبار أن هذه اللغة هي اللغة اللبنانية وهو أوجد لها أبجدية تعتمد الحرف اللاتيني. وسبب اعتماده هذا الحرف وليس غيره كَون هذا الاخير هو الاكثر كتابة أو انتشارا، خصوصا أن اللبنانيين ليس لديهم أي عقدة تجاه أيّ أبجدية، وذلك يعود إلى أن كل أبجديات العالم مصدرها الابجدية الفينيقية، كالروسية واليونانية والفرنسية والانكليزية حتى منها العربية، ويمكن استثناء الصينية واليابانية وما شاكلهما التي لا تستعمل الاحرف أساسا. ويمكن كتابة أي شيء بهذا الحرف، فهو غير اللغة وليس له علاقة بها، تماما كما الثياب لا علاقة لها بالجسم وإن رآها المرء دائما على الجسم فهي غير الجسم.

أستاذ اللغة الفرنسية في مدرسة الجمهور جيلبير خليفة، وهو من دعاة اعتماد اللغة اللبنانية بالحرف اللاتيني، لاحظ أن على الانترنت تم استبدال بعض الاحرف بأرقام، فحرف الحاء يرمز اليه الرقم 7 وحرف العين الرقم 3 والهمزة الرقم 2. وأكد الشاعر واللغوي موريس عوّاد أن الحرف اللاتيني كما عدله سعيد عقل ليس هو ما يستعمل اليوم على الشبكة العنكبوتية، بل الحرف الفرنسي الموجود في التداول حاليا. فعقل نظّم الحرف وأصلحه ووضع له الـ”آف” والـ”همزة” والـ”عين” وغيرها. أما الموجود حاليا، وهو الاستعاضة عن بعض الاحرف بالارقام، فهو مسألة تزول مع الايام وتنتهي. وقال “يوما ما عليهم إيجاد حرف يكون لكل الشعوب وليس لفئة معينة تقرأ الرقم حرفاً، وهو أمر محدود للغاية، وكان من الافضل أن يتم الاخذ بأحرف سعيد عقل الموجودة في (مرجوحة القمر) و(آيات وصور) و(دفاع سقراط) و(روميو وجوليات) وغيرها. وفي هذه الاحرف نجد العين والآف” والحاء” والخاء والهمزة، اذ أضافها سعيد عقل كلها والاستعانة بها أفضل بكثير لان إضافة ارقام إلى اللغة لن تؤدي إلى أي مكان فالحرف هو حرف وليس رقماً، والكتابة بالرقم محدودة وبسيطة. والتطبيق الذي يحصل على الحاسوب اليوم ليس غير علمي بل هو مزاجي. في النتيجة هذا التطبيق يحوي شيئا من التجارة والاستقراب وهو أمر رخيص لن يكتب له الحياة، فالحرف بحاجة إلى حرف وليس إلى أرقام”.

من ناحيته لا يرى الاعلامي حبيب يونس، مدير إذاعة “صوت الغد”، أن حرف سعيد عقل مطبق حاليا على الانترنت. وقال “لقد أخذوا القاعدة نفسها التي ارتكز عليها عقل ولكن مع تطبيق أمور أخرى عليها من دون نسخها كما هي. فمثلا يستعمل الرقم 7 مكان حرف الحاء في حين أن عند عقل هي حرف X. أما الانتقاد لاعتماد الحرف اللاتيني، ففي الاصل هذا الحرف يكتب بأشكال متفاوتة وفيه ثغر عدة حيث يستعمل الحرف نفسه في أماكن عدة بألفاظ مختلفة”.

وقال الشاعر وأستاذ اللغة العربية الشاعر رفيق روحانا والذي وضع رسالة ماجستير موضوعها “ثورة الحرف عند سعيد عقل”، إن “ما يطبق على الانترنت اليوم هو حرف هجين، ولغة الانترنت تكتب بالحرف اللاتيني المشوّه إذ يستعملون علامات في غير موضعها، وهذا ما يسمى ببدائية المعرفة ولو أن لديهم المعرفة الكاملة لاخذوا بحرف سعيد عقل الذي يحل لهم كل المشاكل من دون الحاجة الى الحزازير التي أوجدوها”. وأضاف “هذا التطبيق اليوم لا مفر من تطوره نحو حرف سعيد عقل لسببين: كون هذا الحرف حقيقة لا أحد يستطيع أن يدحضها والحقيقة دائما تنتصر، وكون أن ثمة أناساً يسعون وراءها فيطبعون ويكتبون بهذا الحرف. وحتى لو لم يكن أحد وراء الحقيقة فهي ستنتصر ولكن متأخرة، ولأن ثمة ساعين وراء حقيقة سعيد عقل فستنتصر أسرع”.

وإذا سوّق أحدهم هذا الحرف إستنادا على ما تعتمده طريقة لغة الانترنت فمن المؤكد أنه سيلقى رواجا. إلا أن تطبيق هذه الابجدية على الانترنت بحاجة، على ما يقول خليفة ويونس، إلى إدخالها على الحاسوب عبر برنامج خاص فيمكن حينها صف الاحرف وتاليا إرسال الرسائل الالكترونية بواسطتها. وثمة مجموعة صغيرة تعتمد هذا الحرف على الانترنت، وقد وُضع برنامج معلوماتي لهذا الحرف وهو معتمد أيضا إلا أن هذه المسألة بحاجة إلى متابعة.

سعيد عقلأما عن فلسفة الحرف عند سعيد عقل، فهي قائمة على وضع أبجديّة يدل كل حرف منها على صوت phoneme واحد محدد. وعن هذا الموضوع تكلم كل من المتابعين لهذه الفلسفة على طريقته مدعما رأيه بعدة امثلة دالة وهادفة.

الشاعر موريس عوّاد قال “متى تكلمنا في اللغة والحرف نكون دخلنا إلى عالم العلوم. وعندما نسعى إلى إصلاح ما هو معطل يجب استعمال المنطق. والمنطق في ما صنعه سعيد عقل يقوم على أن يكون لكل صوت أو نبرة حرف يدل عليها. ومثال ذلك، عندما أكتب كلمة (راحوا) لا أضع لها (ا), فالالف تعمل عمل الالف فقط فلا أضعها من دون أن ألفظها. أو ككلمة طاولة نكتبها (طَوْلي)، فأكتب كما ألفظ وكل ما هو مكتوب أقرأه، فلا أكتب شيئا لا ألفظه أو أضعه ديكورا لانني ورثته”.

أما خليفة فانطلق من أن “كل أبجديات العالم اليوم سيئة لا قيمة للحرف فيها، مثال ذلك في الفرنسية ils mangent أي (هم يأكلون)، لا نعرف عند لفظها ما إذا كانت بالمفرد أو الجمع، وفي الحالة الثانية لا نلفظ فيها حرف s من ils وأحرف ent من mangent ففقدت هذه الاحرف قيمتها. وفي فلسفة سعيد عقل على كل صوت أن يقابله حرف، فمثلا الحاء يرمز اليها حرف X لأن سعيد عقل ألغى مدلوله الاصلي المستعمل اليوم، وذلك كون هذا الحرف يتألف من صوتين يعودان الى حرفين آخرين هما الـ K وC وعندما نريد أن نلفظ حرف X نكتب الحرفين السابقي الذكر، وهذا الامر يخرج حرف X من الاستعمال، فخصصه سعيد عقل لصوت حرف الحاء. أما العين فقد رمز إليها عبر حرف Y مع شَرْطة لجهة الداخل في أعلى خطها الشمالي، علما أن التعديل في شكل جميع الاحرف التي أضافها عقل يأتي من ضمنها أي متصلا بها لان عقل يرفض وجود نقاط أو شحطات على الحرف ومستقلة عنه، فالحرف يكون متكاملا وجديدا يرمز إلى صوت واحد، فالطاء تكتب T مع شَرْطة في وسطها لجهة الشمال من ضمن الحرف نفسه”.

وبحسب يونس، “على كل حرف يلفظ أن يكتب وأينما وقع يلفظ بقيمته ومعناه اياهما. وكان عقل يعطي حرف X كمثال على ذلك، ويعتبر أن هذا الحرف يقع في ستة أماكن في اللغة الفرنسية وفي كل مكان يستعمل بطريقة مختلفة ككلمة perdrix وexamen وغيرها. وهو يلفظ حينا ولا يلفظ أحيانا، فما شاء فعله هو أن يكون لكل صوت يلفظ حرف يعبر عنه. وقد طوّر عقل مبدأه وحرفه حتى أصبح واضحا، فكتابه (يارا) كُتب بحرف ينقص عن الحرف الحالي. أما حرف الرسائل الالكترونية فيقرّب بعض الامور. مثلا الرقم 2 يقوم مقام الهمزة، ولكن إذا كتبت كلمة 2ana بهذا الشكل فهي ستلفظ تماما كما ana من دون استعمال الرقم. وسعيد عقل وضع حرفا مكان الرقم ويرمز له بحرف C مع شارطة أو قاطعة (/) في كعبها وجعلها حرف A أو الألف الصامتة consonne فميزها تاليا عن حرف A المصوّت voyelle. وقد حاول بمنطق الابجدية الفينيقية الذي اختصر مجموعة تصويرات تدل على شيء معيّن بحرف واحد، وضع أبجدية عالمية تضم كل الاحرف، ملغيا من بينها حرف القاف الذي لا يستعمل إلا في بعض الدول أو عند قسم من شعبها كما في لبنان وعند الشعب الكردي، وحتى عند العرب فهي أصبحت تلفظ لدى قسم كبير منهم مثل حرف الغين، كقولهم (إيش تغول) بدلا من ماذا تقول، أو مثل حرف الهمزة كقولهم (فؤَرَى وسَأَطو) بدلا من (فقراء وسقطوا). فمحاولة سعيد عقل هي تقريب الحرف من المنطق بشكل يسمح لك عندما تقرأ بأن تفهم وليس أن تفهم حتى تستطيع بعدها أن تقرأ كما هي الحال مثلا مع اللغة العربية أو مع بعض اللغات الاخرى. ثمة لغات كالاسبانية تُقرأ من دون خطأ لان الحرف الذي يكتب يلفظ مع بعض النواقص. مع أبجدية سعيد عقل التي تضم 29 حرفا نجد لكل منها لفظاُ واحداً فقط، مع بعض الفوارق بين المصوّتات voyelles، كما عند وجود ألف ممدودة حيث يتم وضع حرفي ألف أي aa كما في كلمة (كانوا) التي تكتب qaanu (مع الاشارة إلى أن حرف u يلفظ بصوت الواو ou] حتى لا تلفظ (كَنوْا) أو (إيه) حيث نضع حرفي ee، وهذا ما سهّل جدا القراءة الصحيحة، فعليك أن تقرأ لتفهم وليس أن تفهم حتى تقرأ كما هي الحال في بعض اللغات. أما في لغة الحاسوب فلم يعتمدوا هذا المنطق, بل استعاضوا عن بعض الاحرف بالارقام بشكل ثابت وهو ما قرّبهم من العقل فاستعملوا الارقام 7 و5 و3 و2 مكان احرف الحاء والخاء والعين والالف. فمن هذه الناحية اقتربوا من سعيد عقل ولكن لا يزال كل شخص يكتب على الانترنت بطريقته الخاصة، في حين أوجد عقل لها القواعد وطريقة الكتابة. مع سعيد عقل كان القصد التسهيل على العقل والسرعة بمعنى تخصيب الزمان أي استغلال كل دقيقة أو لحظة عبر توفير الوقت الذي يمضيه الكاتب بالتفكير في القاعدة التي على أساسها عليه أن يكتب، فتصبح القدرة على التعبير بمستوى الفكر لحظة التفكير فيختصر الوقت بشكل كبير وتسهل الامور إلى حد بعيد”.

من جهته، أكد الشاعر رفيق روحانا أن “الحقيقة والمبدأ الاساسي يقومان على أن المرء لا يستطيع أن يكتب بالحرف العربي أو الفرنسي أو أي حرف في العالم ما يفكر فيه لأن هذه الحروف ناقصة لا تخدم اللغات في العالم، بينما حرف سعيد عقل يخدم كل لغات العالم لأنه يتمتع بميزتين: المنطق أي كل صوت له حرف، والاناقة أو الجمال. سعيد عقل أدخل المنطق على الحرف. الحرف خلق لكي يعبّر عن كل صوت بشكل معيّن، فجاء الناس والحضارات والمتفلسفون وخرّبوا هذا المنطق. أما عقل فأعطى لكل صوت شكلاً، وهذا الشكل لا يمكن أن يعني حين يتكرر في موضع آخر صوتاً آخر بتاتا، خلافا مثلا للغة الفرنسية حيث حرف السين S يلفظ أحيانا كحرف الزين Z أو حرف الإكس X أو بشكل مشدد SS أو حتى لا يلفظ. فحرف سعيد عقل يحافظ على الصوت الذي يعبر عنه أينما ورد، وبذلك ومنطقيا تصبح قراءتنا صحيحة. فاستعمال الحرف باصوات مختلفة أو حتى دون صوت هو خلاف المنطق تماما، فكيف يمكننا قراءة حرف معيّن يرد بأصوات مختلفة بحسب الكلمة الوارد فيها. فهذا تخريب للمنطق وللعقل. ويهدف سعيد عقل إلى إزالة هذا الشذوذ من أكثر الحروف استعمالا اليوم في العالم ألا وهو الحرف اللاتيني. وكونه الاوسع انتشارا أصلح هذا الحرف بالذات. وهو الوحيد الذي سينقذ العالم من خراب العقل. تصوّر أننا نعلّم التلميذ أن واحداً زائداً واحداً يساويان اثنين، ثم في اليوم التالي نقول له إنهما يساويان خمسة. ولكن كيف يقبل بأن نقول له إن حرف A يعني في المرة الاولى A وفي المرة الثانية يعني E وفي المرة الثالثة لا يعني شيئا ورغم ذلك علينا كتابته. يقبل هذا الامر لأنه طفل ويظن أننا نفهم أكثر منه ويتربى على هذه المعرفة. فمثلا في كلمة temps نقرأ حرف e كحرف a في حين أننا لا نقرأ أياً من الاحرف m وp وs، فكيف يمكن أن نُقنع التلميذ الذي لفظ ثلاثة أصوات هي t وa وn أي tan بأن يكتب بدلاً منها temps فهذا شذوذ في العقل. ولكن كونه تعلم هذه الكتابة وهو صغير فقد قبلها. وإذا قلنا له اليوم أننا سنكتب temps بشكل tan فهو سيهزأ بنا ويعتبرنا جهلة كونه تربى على هذا الجهل اللغوي. الناس متى تعودوا على الخطأ يظنون أن الخطأ صواب ويستهزئون بالصحيح.
ومن الامثلة على هذه المسألة حرف e يكتب أحيانا et وest وez وai وكلها لها الصوت نفسه مع اختلاف طفيف. ومثلا كلمة mais لا نلفظ فيها حرف s، في المقابل لدينا كلمة son فإذا جمعنا الكلمتين يصبح لدينا كلمة maison وحرف s يلفظ فيها على انه زين Z. ولتبرير هذا الشذوذ أوجد اللغويون له عنواناً وهو كونه موجوداً بين مصوّتين entre deux voyelles, فكأن ذلك بنظرهم يصوّب المسألة. في الحرف العربي مصدر اللامنطق أيضا اللفظ والكتابة، ومن مظاهره قولنا مثلا “في الشمس”، لفظنا منها أحرف الفاء، الشين مرّتين، الميم والسين، في حين أننا كتبنا زيادة الالف والياء واللام وهي غير موجودة في اللفظ، فلماذا كتابتها؟

ويتّصف حرف سعيد عقل بالاناقة والجمال، فليس من نقاط على الحرف أو تحته أوعلى جنبه أو علامات تدل على نبراته كما في الفرنسية (les accents) نَبْر القُصر أو العَوَض أو المَد وذلك على عكس واقع الحال في الحرف العربي واللاتيني، علما أن المشاكل التي نبحث فيها هنا لا علاقة لها بلغة من اللغات بل بالاحرف التي تكتب بها هذه اللغات. ومن مشاكل الحرف العربي، وليس اللغة العربية، افتقاره الى المساحة dimension ولهذا السبب يسمى الخط العربي. فالاحرف اللاتينية بشكل عام يمكن وضعها ضمن مربّع أو مربّعين. فحرف L يشكل مربّعين وحرفا A وE يشكلان مربّعا واحداً. أما في اللغة العربية فهذا الامر غير موجود. فحرف الباء هو عبارة عن طربوش صغير إذا ما وضعنا تحته نقطتين استحال ياء وإذا وضعنا فوقه نقطة أو نقطتين أو ثلاثاً استحال على التوالي نوناً أو تاء أو ثاء. وهذا أمر مؤسف فكثرة النقاط أشبه بالقذارة والشوائب وهي أحد أسباب بشاعة هذا الحرف. وبنفس المعنى، لا يمكننا أن نكتب من دون ضمة وفتحة وكسرة لحسن القراءة، وعند وضعها على كل الحروف نصبح أمام لوحات من الخَربشة يعتبرها البعض ممن أفسده هذا الحرف فناً جميلاً. كما أن هذا الحرف يفتقد للمساحة والحجم كما في “اللهم” نبدأ من فوق مع اللام حتى نصل إلى أسفل مع الهاء دون تناسق. فالحرف يجب أن يكون أنيقا يعلن عن نفسه بنفسه دون أن نضطر للاستعانة بأمور أخرى للدلالة عليه. فلا يجب أن يعرّف عن الحرف بضمة وفتحة وكسرة وسديلة cedille وهمزة وَصْل trait d’union، فكل هذه الامور مخالفة للمنطق وللجمال.

ويؤكد روحانا أن هذا الحرف مطبق في أمكنة عدة. فمثلا ثمة 19 كتاباً اليوم مطبوعة بهذا الحرف. ولمعرفة دلالات هذه المسألة يجب أن نعلم أن أول كتاب طبع بالحرف العربي كان في العام 1735 في حلب على يد الشمّاس عبدالله الزاخر، أما ثاني كتاب طبع بهذا الحرف فكان سنة 1800 مع مجيء المطبعة إلى مصر. أما سعيد عقل فقد طبع العام 1961 كتابه يارا، ثم طبع العام 1968 سبعة كتب بهذا الحرف، وهذا دليل على أنه حرف حي.

ويشير يونس إلى أن هذا الحرف تعرض للاستهزاء يوم أعلنه سعيد عقل، وقال عقل حينها إن هدفه هو حرف عالمي، وهو اليوم يدرّس في أهم ست جامعات في علم اللغات والالسنيّة من ضمنها جامعة السويد وأكثر من جامعة في الولايات المتحدة. كذلك بوشر بترجمة مجموعة من روائع العربية إلى اللغة اللبنانية وبالحرف اللبناني بواسطة الدكتور هشام شرابي ومنها الانجيل وكتابات للامام علي، علما أن أول كتاب لسعيد عقل بهذا الحرف كان “يارا” الذي استعمل فيه الحرف السابق للحرف الحالي. وبعدها أصبحت المجموعة التي معه تصدر مؤلفاتها بهذا الحرف، وهو أخيرا وضع كتابين بحرفه هما القداس الماروني الذي أسماه “نستا سوليمنيس” ومسرحية “عشتريم” وقبلهما كان قد وضع كتاب “الخماسيات”. وهناك جريدة “لبنان” التي كان يصدرها والتي كانت تكتب بالحرف العربي ومن ثم أصبحت تكتب بالحرف اللبناني. وهذا الحرف متطور، وكما يقال هناك لغات تفرض نفسها، وليس هناك من لغة وضعها شخص مع حروفها، فالزمن يصنعها ويأتي فيما بعد أناس يضعون لها قواعد. هذا ما حصل مع أبو الاسود الدؤلي يوم وضع قواعد اللغة العربية التي وُجدت قبل مئات السنين، ثم جاء في ما بعد من طوّرها. وكل يوم نجد قواعد جديدة للغات. والمعلوم أن في المجامع اللغويّة الاجنبيّة يحصل تغيير دائم لحروف ولكلمات ويضاف إليها أو يحذف منها بشكل يجعل اللغة كالحياة، نهراً جارياً كل يوم يحمل شيئا جديدا.
ويشير خليفة إلى وجود عالم ألماني يدعى هاينز غروسفيلد في اليونيسكو دعا كل لغات العالم إلى الاخذ والكتابة بحرف سعيد عقل ليس فقط بشكله ولكن أيضا بفلسفته أي بأن يكون لكل حرف لفظه. فاللغة اللبنانية بحرف سعيد عقل توضح الامور وتسهلها وتكسب المرء لغة جديدة في فترة قصيرة جدا، على عكس الحال مع اللغات الاخرى لا سيّما العربية منها.

وينبّه روحانا على هذا الصعيد إلى أن في الكون نوعين من القضايا، قضايا التصرّف وقضايا الفكر. الاولى تتغيّر فورا، مثال قرار أتاتورك بترك الطربوش ولباس القبعة الاوروبية، فمن اليوم الثاني تغيّر اللباس. ولكن هل يستطيع أتاتورك أن يقرر منع التفكير العاطفي أو المنطقي مثلا. فالقضايا الفكرية تحتاج إلى أجيال تربي أجيالا عليها حتى تتحقق. فقضية الحرف تدخل في هذا الاطار وينقصها حتى تتحقق بسرعة أن يأتي حاكم عنده أتاتوركية كمال أتاتورك كعبد الناصر مثلا، وعندها في غضون خمسة أعوام يمكن نشره. ولكن حكام اليوم غير القادرين على تأمين رغيف الخبز بالتأكيد غير قادرين على فرض حرف معيّن. فمن في الحكم عقيمون لا يمكنهم انجاب قرارات عظيمة. لهذا السبب يجب انتظار مجيء مثل هذا الحاكم. ويخطئ من يظن أن المسلمين أو المسيحيين سيناهضونه. لقد سبق وذكّرت أن تغيير الحرف هو أكبر خدمة للقرآن إذ يصبح بالامكان أن نقرأه بشكل صحيح. فما ينقص لانتشار الحرف شرعية الاعلان عنه. ويجب طبعا شرحه أولا حتى يقتنع الناس بصوابيته فينتشر بسرعة وهذا ما يؤمّنه وجود حاكم قوي مقتنع فيه.

ويخلص الشاعر موريس عواد إلى أن ثمة 22 لغة على المتوسط الشرقي يجب أن تقوّى، ومن يقوي اللغة هو الانتاج فيها وما يقوي الانتاج هي الحرية التي بدونها لا نستطيع أن نصنع تحفا. ويضيف “مثلا لو اني في نظام توتاليتاري أو تيوقراطي أو أوليغارشي أو غيرها لما كنت كتبت 30 كتابا وكسّرت عظما ورؤوسا حتى آخر استطاعتي. وكما اللغة اللبنانية في لبنان، ثمة 22 لغة على المتوسط الشرقي، فكل دولة لها بيرقها وحدودها ولغتها. عندما يولد الأولاد في هذه المنطقة كلها يتعلمون الكلام وهم في أحضان أمهاتهم، وعندما يكبرون يتعلمون العربية في المدرسة وعندما يريدون أن يعيشوا يرمون العربية ويتعلمون الانكليزية والفرنسية والالمانية وغيرها، فلا يستطيعون أن يعيشوا بالعربية وأقصى ما يستطيعونه بالعربية أن يصبحوا أساتذة لغة أو صحافيين أو أن يضعوا خطابا ويقرأون الاخبار”.

ويتابع “لا أحد يشتري المعلف قبل الحصان، فالقاعدة يتم وضعها بعد أن يكون قد أصبح بين أيدينا قائمة أو فهرس كبير من اللغة. وطالما نحن نتكلم اللغة فنحن نفهمها وليست بحاجة للقواعد، فإذا كنت تتكلم وأخطأت أي ولد يصحح لك لانه يعيش في هذه اللغة. ولا تصبح اللغة بحاجة إلى الصرف والنحو والقواعد إلا عندما تصبح غير محكية ومقروءة في الكتب وحين يفرّخ على كعبها لغة أخرى. وحينها علينا أن نتكلم لغة أحفاد الاحفاد ونقرأ لغة الجدود. فباختصار اللغة المحكية ليست بحاجة لقاعدة”.
ويقول “لم يكمل سعيد عقل مشروعه الذي بدأه في الستينات يوم طبع كتابه (يارا) وكنت إلى جانبه عند ولادة الكتاب. والمسألة اليوم بحاجة إلى عالِمٍ يصلح اللغة والحرف في لبنان أو أن يكمل ما بدأه شاعرنا الكبير لاصلاح العقل المعطوب في لبنان وعلى كل المتوسط الشرقي بسبب اللغة غير المحكية الميتة. وفي العلوم يقولون إن لغة لم تعد محكية هي لغة ميتة. فكل لغة لا نعيش فيها هي لغة ميتة. ولا يعني ذلك انها غير صالحة، ولكن لا تستطيع أن تكتب بها وجعك. تستطيع أن تخطب بها أن تتذكر فيها أن تكتب جغرافيا وتاريخ ولكن لا تستطيع أن تكتب بها فنا أي الشيء الذي يخص القلب البشري فهنا اللغة التي تعيش فيها تنوجع فيها وتضع وجعك فيها. فمن هو جدي ليس من يتراسل على الحاسوب بل من يتمم مشروع سعيد عقل. كما ان الثقافة في لبنان مفقودة أكثرها على السمع وعلى الاعلام وهي ليست عميقة وفي لبنان لا إستقرار في كل شيء في العواطف والحياة بالسياسة والاقتصاد والادب كون لا أحد يرى أنه باق في هذا البلد. فكل 20 سنة ثمة حرب تسبب برحيل من في البلد ويأتي غيرهم من الخارج ما سيؤدي الى تحويل لبنان شعباً خليطاً كسوق الخضار يحوي خمسين أو ستين صنفاً لا يلتقي أي منها مع الآخر وكل واحد يريد أن يدوس الآخر”.

From: http://www.nowlebanon.com/Arabic/Print.aspx?ID=15898

Blog

Article By Faten El Hajj

September 8th, 2009

صينيّات في «الآداب ـ 1»: اللغة العربيّة تحدٍّ والمخاطبة الشفويّة عائق

فاتن الحاج

انتقلت خمس طالبات صينيات هذا العام من جامعة شنغهاي إلى كلية الآداب والعلوم الإنسانية ــ الفرع الأول في الجامعة اللبنانية لدراسة اللغة العربية وآدابها

لم يكن الأسبوعان اللذان قضتهما الطالبات الصينيات حتى الآن في لبنان كافييْن لإطلاق الحوارات اليومية مع الطلاب والانخراط في الحياة اللبنانية. فالمخاطبة الشفوية لا تزال تشكل عائقاً أمام قدرة الفتيات على التفاعل لكونهن تعوّدن التعبير كتابياً، أو بواسطة القراءة. وكانت الطالبات الخمس قد اكتسبن أسماءهن العربية وهنّ في الصين، فهناك بشرى (شومين لاي)، نجمة (سان هواي)، وردة (وانغ واي واي)، ندى (أو لين)، وسوزان (شينغ رونغ). وحدها بشرى (20 عاماً) تُعبّر بطلاقة عن أفكارها وهواجسها باللغة العربية الفصحى، فيما تتلعثم الباقيات لدى الحديث بهذه اللغة، وإن كنّ اخترنها مجالاً للدراسة بمحض إرادتهن. وهنا تؤكد ندى (20عاماً) بحماسة «اللغة العربية تتميز عن كل لغات العالم، وكانت دراستها بالنسبة إلينا تحدياً سنخوضه حتى النهاية».
لكن «يبدو أننا سنعود إلى السنة الأولى، بعدما قُبِلْنا في السنة الثانية»، تتدخل بشرى، «فمستوانا ليس مناسباً للصف، وهناك تفاصيل لا نعرفها، كذلك فإننا نواجه صعوبة كبيرة في استيعاب كل ما يشرحه الأستاذ، علماً بأننا في السنة الثالثة في جامعة شنغهاي، لكننا لم نتدرب هناك على الاستماع». ومع ذلك، تسعى بشرى إلى التعمق في دراسة الحضارة العربية العريقة وتطمح إلى العمل كمترجمة في وزارة الخارجية الصينية.
وتنتقل الفتيات للحديث عن الرحلة اليومية التي يقطعنها من مكان الإقامة في السكن الطلابي في المدينة الجامعية في الحدث إلى كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الأونيسكو. «المسافة طويلة ومتعبة وعلينا أن نستيقظ في السادسة صباحاً لنصل في الوقت المحدد، وبالمناسبة اليوم وبّخَنا الأستاذ، لأننا تأخرنا عن الالتحاق بالمحاضرة»، تقول وردة (19عاماً) التي تشرح معاناة الطالبات مع النقل العام. وهنا تردف ندى: «علينا أن ننتظر الفان ليقلّنا إلى الكلية حيث تستغرق المسافة ساعة كاملة»، «فليس لدينا ما يكفي من النقود لاعتماد سيارة أجرة»، تعلّق بشرى، «علماً بأنّ السفارة خصّصت لنا سيارة تنقلنا جميعاً بـ50 دولاراً أميركياً خلال أربعة أيام، لكنّنا رفضنا لأنّ المبلغ لا يزال مرتفعاً»، على حد تعبير بشرى. وعما إذا كانت الحكومة الصينية تتكفل بالمصاريف، توضح سوزان (19 عاماً) أنّ الحكومة تكفلت فقط بالتعليم، فيما قدّمت لنا الجامعة اللبنانية السكن الطلابي مجاناً.
وعن العلاقة مع الزميلات والزملاء، لا يزال الاختلاط ضعيفاً، تقول بشرى، «لكننا تعرفنا إلى إحدى الصديقات التي قمنا بزيارتها نهاية الأسبوع الماضي في بلدة القليلة الجنوبية حيث قصدنا السوق الشعبي واشترينا قاموس إنكليزي ـــــ عربي».
ماذا عن التعرّف إلى الشبان؟ تبتسم بشرى وتقول: «الشبان جيدون وقد لمسنا لديهم حشرية في التحدث إلينا، إذ تلقينا بعض المكالمات الهاتفية، لكننا كنا حذرات في التعامل معهم لأننا لا نعرفهم جيداً».
وكيف تقضين أوقات الفراغ؟ تبادر وردة إلى القول: «لبنان جميل جداً وميزته أنّه يطل على البحر الأبيض المتوسط، لكننا حتى الآن لم نكوّن صداقات كثيرة ونمضي معظم وقتنا في غرفة المسكن في الحدث، إذ لا محال تجارية كثيرة بالقرب من المدينة الجامعية، وفي نهاية الأسبوع، نقصد مقاهي الإنترنت للاتصال بأهلنا». وهنا تتحدث بشرى عن قلق ينتاب عائلتها في الصين بسبب الأوضاع غير المستقرة في لبنان، «لكنّ حياتي اليوم هنا، وأشتاق إلى أهلي كثيراً لكنني لا أبكي».
من جهتها، تُخبر سوزان أهلها عن الأطعمة اللذيذة التي تتذوقها في لبنان: «نحب الطاووق واللحم المشوي والبطاطا المقلية والمناقيش والتبولة والكبة والحمص…». وقد استقبل رئيس قسم اللغة العربية وآدابها الدكتور أحمد أبو ملحم الطالبات الصينيات واصطحبهن إلى القاعات وأعطى توجيهاته بالاهتمام بهن اهتماماً خاصاً، وهو يتابع تجربتهن عن كثب للوقوف عند المشاكل التي يعانين منها. ودعا أبو ملحم الطالبات إلى الاختلاط بزملائهم وإطلاق الحوارات اليومية كي يتمكّنّ من متابعة الدروس واجتياز الامتحانات. وأوضح أبو ملحم أنّها ليست التجربة الأولى في الجامعة اللبنانية، فقد سبق للجامعة أن استضافت طلاباً كوريين وعرباً في إطار التبادل الثقافي، لكنّ هذا التبادل بقي متقطعاً.

From: http://www.al-akhbar.com/ar/node/53680

Blog